الجمعة، 16 نوفمبر 2018

اللغة العربية بين الرضاب والصعاب



3 مارس 2018

في الثالث من سبتمبر 2016، وضعتُ استطلاعا للرأي على حسابي في تويتر:
هل يمكن أن يفهم طلاب المدارس الأجنبية في الدول العربية شطر البيت التالي "اطفئ لظى القلب بشهد الرضاب"، فأجاب 1614 مشاركا.
9% قالوا نعم
75% أجابوا بلا
16% قالوا إنني متحامل عليهم

أما آراء السبع وثلاثين شخصا الذين علّقوا فاتفق معظمها بأن معظم طلاب المدارس، بل والجامعات، وبل وكليات اللغة العربية، لن يفهموا هذا البيت الرائع من قصيدة "رباعيات الخيام" لعمر الخيّام، بترجمة أحمد رامي، وغناء السيدة أم كلثوم.

أرجع البعض السبب إلى ضعف المدارس، وقال آخرون إن السبب هو اختفاء المُعلم الذي يعشق اللغة، وأشار نفرٌ آخر إلى ضعف المناهج التي تُحبّب التلميذ بلغته، ولكن الجامع في التعليقات كان السخرية المُترعة بالألم، والضحك الأشبه بالبكاء على مصير اللغة العربية التي تغرّبت وتفرنجت.

ما أسباب الظاهرة المُفجعة التي تفاقمت رغم التحذيرات التي أطلقها الحادبون من أمثال حافظ إبراهيم في قصيدته الخالدة "اللغة العربية تنعي حظها بين أهلها":
وسِعْتُ كِتابَ اللهِ لَفْظًا وغايًة             وما ضِقْتُ عن آيٍ بهِ وعِظاتِ
فكيف أَضِيقُ اليومَ عن وَصْفِ آلَةٍ               وتَنْسِيقِ أسماءٍ لمُخْترَعاتِ
أنا البَحْرُ في أَحْشائِه الدُّرُّ كامِنٌ         فهل سَأَلوا الغَوَّاصَ عن صَدَفاتِي

ترى، هل كانت صرخته سُدى تذروه الرياح؟!

أم أن عوامل كثر تضافرت لتنحدر لغتنا الرؤوم إلى هذا الدرك، فيشيرُ أحدهم -تعقيبا على الاستطلاع- بأن هذا الأسلوب قد أضحى من وحشي اللغة!

ما أسباب الضعف: ركاكة المناهج، وجهل المُعلمين باللغة، وطرائق التدريس المتخلفة، والاستخفاف في وسائل الإعلام بالفصحى والإعلاء من شأن اللهجات العامية، أم استشراء المدارس الأجنبية كالنار في الهشيم دون تعقّل لآثارها المدمرة- هي العوامل التي أنتجت هذا الجيل الذي لا يكتفي بالجهل بالعربية، بل ويتفاخر بذلك!

هل أدت المبادرات المحمودة التي ظهرت مؤخرا: تخصيص يوم الثامن عشر من ديسمبر يوما عالميا للغة العربية، ومبادرة "أصحابنا" في لبنان، ومبادرة "لغتي" في الشارقة، ومبادرة "المستكشف" لصوغ أكبر موسوعة عربية معاصرة، ومبادرات عديدة على اليوتيوب مثال "العنادل"، وغيرها من الجوائز والمبادرات الفردية والمؤسسية الطموحة إلى تغيير إيجابي في خريطة الجدب اللغوي التي نعيشها؟

ترى، هل سنشهد تغيّرا قريبا يجعل السواد الأعظم لا يعاني الصعاب في فهم "الرضاب"؟!

أتمنى ذلك!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق