الأحد، 26 أبريل 2009

أين زهرتي؟!

بَذرتُها في صمت، أسدلتُ عليها كميةً من التراب قليلة، سقيتُها بعناية، حففتُها بيدي لأدرأ عنها البرد، وقفتُ بجوارها؛ لأحميها بظلي من الشمس الملهبة. نظرتُ إليها كل يوم مترقباً.. ألقيتُُ عليها تحية الصباح وأمنيات المساء، داعبتني في أحلامِ اليقظة وفي عُمق الكرى، حباتُ المطر كانت تغسلُها ببريقِ الأمل..

ذلكَ الصباح .. لم أجد منها سوى جِذرٍ أبى إلا الشموخ فوق الأرض .. مَنْ سرقَ زهرتي؟!

الجمعة، 17 أبريل 2009

دندنةٌ.. لها

في جدولِ الصمتِ

عزفُ أناملِ التحنانِ

من كفِك

أداعبُ شُرفةَ الأيام

بتوقِ الناي.. شدوُ القلبِ

في حرفِك

"عزيز".. أصابتْ

صريعَ اللبِ.. قيدُ الحُب

من طرفِك

بلا خِيار

نظرَ بعيدا أمامه.. تقدّم نحو تلكَ الأشياء. دواةُ حبر، وحِفنةٌ مِن تُراب، وقطعةٌ مِن قلْب.

أحكمَ قبضتَهُ على الزناد. دفع بالأداة نحو اللهاة. غمغمَ قائلا: فداكِ

ثُمَ..

الثلاثاء، 7 أبريل 2009

كيف تصبح شاعراً حداثياً في 24 ساعة؟

خذ عصير صدمة الحداثة .. واخلطه بمنقوع التناصية .. وأضف عليه شيئاً من مسحوق البنيوية التفكيكية .. وامزجه بمقدار فنجان من مسحوق آثار اليونان .. وأضف إليه قليلاً من ملح الوجودية .. واهرق عليه ماء الفوضوية .. واعجنه بمسحوق بيتين لنيرودا .. واغمسه لساعتين في حيرة ميشيل فوكو .. وضعه على النار لخمس دقائق ليتماسك قوامه إبستمولوجياً .. ثم اتركه في الشمس لخمس ساعات حتى تتبخر منه بقايا العادات والتقاليد .. وتناول الخليط الناتج حلالاً زلالاً بلالاً.

إذا نجحت في تحضير الإكسير بالطريقة الصحيحة، فإن أولى العلامات اتساع في حدقة العينين .. يتبعه تسارع في النبض .. وتزايد في سرعة التنفس .. وبعد سبع دقائق يبدأ شعر الرأس في الإنطلاق بوهيمياً .. ولتثبيت شعرك ضد الصلع قبل سن التسعين، عليك بالسفر إلى باريس منفياً لسنة ونصف تقضيها متسكعاً بين مونمارتر و الحي اللاتيني .. وتعود بعدها قطباً نضالياً شعرياً يُشار إليه بالبنان.

وأحذرك يا صديقي الغالي من اختيار اسم فنّي من أسماء الإغريق فقد حاز أدونيس هذه المناقصة. ولذا أنصحك بآلهة الفايكنج فتخّير منها ما شئت قبل أن ينال مناقصتها غيرك.

الخميس، 2 أبريل 2009

أبوحُ بفيض أشجاني

أُكسّرُ قيدَ أحزاني

أُحطّمُ قاربَ التغريبِ

شخوصاتي.. كتاباتي

وأشعاري.. وألحاني

أُصافحُ دفءَ أرضِ النيلِ

لتسقي أصلَ شِرياني

في الزمن الخطأ

ثم بدأتُ في حزم أمتعتي.. أتعلم أن سن التاسعة عشر غريبة الأطوار.. في ذلك الحين كنتُ أظنُ نفسي خبيراً بمسالك الحياة.. لم أدرك أنني غضُّ الإهاب.. فاقد الخبرة والتجربة إلا بعد انقضاء زمن طويل.. تغلّب علّي في تلك اللحظة شعور مبتذل من نزق الشباب.. كنتُ أظن العالم ينتظرني مرحبّاً.. فاتحاً أبوابه على مصراعيه.. مفترشاً بساطاً أحمر لاستقبالي بأحضان دافئة.. لكم كنتُ غريراً.. حملتُ حقيبتي الصغيرة وبها بعض الملابس الداخلية.. وتي شيرت أحمر.. وبنطلونيّ جينز.. وأسطوانة حديثة لجيمي هندريكس.. وأخرى مهترئة لجانيس جوبلين.. يممّتُ شطر الباب.. الصوت مرتجف ينادي من خلفي.. خافتاً.. تجتاحه نبرات التردد والحيرة.. ارجع .. تيهي الأغّر لا يسمح لي بالالتفات.. ينتفخُ صدري.. فأتقدمُ بخطوات واثقة لأتناول مقبض الباب.. الحشائش على جانبّي الممر ذات لون قاني الخضرة.. وصوتُ طائرٍ ينعقُ من بعيد..

أضعُ كأسي الفارغة على منضدة.. يتأمل في صمت شاجب يداي المعروقتين.. ويهتّز رأسه بحركة لا أفهمها.. ألمحهُ بطرف عيني.. يستّرق النظرات إلى وجهي المتغضن.. كان بإمكانك الإقفالُ عائداً! يسقط رماد السيجارة على مفرش المائدة.. وتنطفئ الشرارة.