الثلاثاء، 11 يونيو 2013

فريدة

كانت ظاهرة منعشة.
التقيتُها ذات يوم رائع. كانت الشمس تتسللُ بين الأشجار حانية لتمنح الدفء والضياء.
لمحتُها، فسقطَ قلبي على رصيف الشارع. أسرعتُ التقطُ القطع المتبعثرة، ولكن بعضها اختبئ في زوايا العشق لأول مرة.
منحتني نظرة، فسبحَ عقلي في الآمال. عرّفتني عليها صديقتنا المشتركة. فريدة، اسم على مسمى!
سرنا في تلك الجادة وارفة الظلال، فمالت أغصان الأشجار لعلها تحظى بنفحة من عبيرها، وانتظمت شحاريرٌ على هيئة سهم كيوبيد، ثم صوّبته نحو فؤادي، فأردتهُ صبّا.

تحايلتُ مرارا لألقي عليها نظرات جانبية متلصصة. اختلستُ فرصة انشغال صديقتنا المشتركة "س" لأُشبع عيني من مُحيّاها، وكنتُ لا أدري أنني أسكبُ من حيث لا أعلم المزيدَ من اللهب على الهشيم.
صرتُ اتصلُ بصديقتنا "س" أكثر مما كنتُ أعتاد، وفطنت الشقية إلى مُرامي. كانت تضحكُ ملء شدقيها على معاناتي، ولكنها رضخت مُشفقة في نهاية المطاف، وخططتْ لبعض المقابلات التي رتبتها وكأنما حضوري كان مصادفة بحتة.

استلطفتني، وأصبحتْ ترتسمُ على وجهها علامات الأنس برؤيتي. تبادلنا أرقام الهواتف، وقضينا ساعات مطوّلة عبر الإنترنت أيضا. يا إلهي! لكم تتقاربُ أفكارنا.
أحسستُ بأنها رفيقة روحي، بل امتدادٌ جسديٌ خارج الجسد الذي أحمله ويحملني ليل نهار.
فاتحتُها برغبتي في الاقتران بها، فظهرَ شبحُ ابتسامة حزينة على أطراف شفتيها، ثم أجابتني بصوت مبحوح: مستحيل!

حاولتُ استدراجها لتخبرني السبب، فتمانعتْ طويلا، ثم صارحتني.
قضينا شهورا سعيدة برغم سقوط الأمل. لاحقا، بدأت مرحلة العلاج. تغيّرت ملامح وجهها المشرق، وشرعت ترتدي حجابا عصريا، لعلها تُخفي البقع الجرداء التي بدأت تستشري.
رويدا رويدا أصبحتْ تصرفاتها مشوبة بشيء من العصبية، وتعلمتْ التدخين بشراهة.
تفهمّتُ صراعها الداخلي، وسكبتُ من حناني على عذابها ما أطفئ بعض لهيبها.


ذات نهار كالح، أتاني صوتها عبر الهاتف:
- كيف صحتك؟
- بخير يا عزيزتي. أخبارك؟
- أنا في المستشفى. يبدو أن الستار سيُسدل بعد قليل.
سقطَ قلبي تحت رجلي. جريتُ خارج المكتب، وانتحبتُ حتى انتفخت عيناي.

فتحتْ عينيها ببطء، ونظرتْ حولها:
- أما زلتَ هنا؟
- بالطبع!
- لماذا لا تذهب إلى الجحيم؟
أجبتُها باسما: ليس الآن.
- أنا أسِفة.
- ولا يهمك.
- حاول أحد الرعاع هنا إقناعي باستخدام باروكة. تصوّر مدى الصفاقة!
- لا تُحمّلي الموضوع أكثر مما يستحق.
- ولكن لماذا؟ هل أصبحتُ بهذه البشاعة؟ لماذا لا أموتُ وأرتاحُ من هذا العذاب؟
- فريدة. أرجوكِ اهدأي.
- اعذرني لهذه الثورة. تعبتُ يا صديقي، والآلام تتزايد برغم جرعات المورفين.
- لا عليك. سأدعُكِ ترتاحين، ولكني سأعودُ مساء اليوم.
أجابتني بصوت خافت: حتى لقاء قريب.
ثم أغمضتْ عينيها.

كان اتصالا قصيرا. وضعتُ السماعة ببطء مُفتعل.
هُزمت الشمسُ، ورحلت فريدة مع حلول غيهب الشفق. 

الاثنين، 1 أبريل 2013

المسئول العربي- تغريدات ساخرة


متى يبدأ المسئول العربي الكذب؟
حالما ينطق بأول كلمة!

كيف تعرف الحقيقة في العالم العربي؟
استمع إلى المسئول وثق تماما أن الحقيقة هي على العكس تماما مما يقوله!

ما وجه الشبه بين الجزار ووزير الداخلية العربي؟
كلاهما يتقن استعمال السكين للإجهاز على ضحاياه.

ما الفرق بين المسئول والمجرم في الوطن العربي؟
لا فرق، فكلاهما يكذب إذا وصل إلى المحكمة!

ما الفرق بين اللص والمسئول العربي؟
 اللص يسرق أقل، ولديه بقية من حياء.

ما الفرق بين العاهرة والمسئول العربي؟
العاهرة تتاجر بجسدها فقط، أما المسئول فبجسده وعقله وكل جوارحه.

متى يتوقف المسئول العربي عن الكذب؟
لا يتوقف، فحتى في قبره يحاول الكذب.. حتى على منكر ونكير!

كم روحا لدى المسئول العربي؟
سبعة أرواح.. كلها مبيعة للشيطان.

ما الفرق بين المسئول العربي وإبليس؟
إبليس يجلس إلى بعضهم.. تلميذا.

كيف تقنع المسئول العربي بالتنحي؟
يا له من سؤال غبي! مسئول ويتنحى.. غير معقولة طبعا.

ما العلاقة بين المسئول العربي وشعبه؟
كالعلاقة بين قانون الجاذبية وانطلاق الصواريخ إلى الفضاء.. تضاد لا يحتمل المصالحة.

متى يقف المسئول العربي إلى جانب شعبه؟
يقف إلى جانب قبر الشعب ليتأكد من أن القبر عميق بلا قرار.

كيف تتأكد بأن المسئول العربي جدير بالمنصب؟
في الواقع، يستحيل التأكد.

كم مسئولا عربيا تحتاج لحل قضية؟
عدد لا نهائي، ولكن الأسهل اختيار واحد فقط للقضاء على مستقبل قضية بأكملها.

مدى نشاط المسئول في إنجاز المعاملة يتناسب طردا مع حجم العمولة/الرشوة، وعكسا إذا كان صاحب المعاملة مواطنا عاديا.

ما اسم الدلع الذي يطلقه المسئولون المرتشون على زميلهم الشريف؟
عبيط.

ما تعريف التوقيت التكتيكي لدى المسئولين؟
اختيار الوقت المناسب لعرض شيك الرشوة.

ما الأسلوب الأمثل لعزل مسئول عن كرسيه الذي يتشبث به؟
حرق الكرسي حتى يضطر للهروب على عجل.

كيف يخصص المسئول زمنه في الأمسيات؟
الجزء الأول للمؤامرات، والثاني للموبقات مع الأصدقاء، والثالث للموبقات السرّية.

متى يعمل عقل المسئول العربي، ولماذا؟
بعد ساعات الدوام الرسمي؛ لحبك المؤامرات، ونسج الأكاذيب، وإيذاء منافسيه، وتضخيم ثروته.

كيف توقظ مسئولا من حالة الإغماء؟
اجعله يشم شيكا تكثر به الأصفار.

أنت في قارب نجاة، وأمامك سفينة تغرق بها عدد كبير من المسئولين، ماذا تصنع؟
لا شيء، استمتع بمشهد السفينة وهي تغرق.

الخميس، 31 يناير 2013

مونولوج الوجع

توقفْ اليومَ قلبي عن الخفقان..
غابتْ الشمس، وتحولتْ كتلة سوداء باردة.. نجما من الجلمود خبا بريقه.
سقطَ أملي من عِل، وتصدّع فؤادي كسِفا؛
قِطعا من لحمٍ.. ميت.
أحسستُ بالنصل يخترقُني.
كان جرحا غائرا.. في مقتل.

انطلقتُ لا ألوي على شيء،
أحملُ كفنَ حبي،
أُشيعُهُ وحيدا؛
لا صديق ولا حميم.
أوسدتُهُ التراب،
ثم تلوتُ عليه.. صلاة الغفران.

وقفتُ وحيدا أمام الجدث،
وقطراتُ مطرٍ نارية تصليني بالنار.
أتلو الفاتحة، وتنزفُ روحي؛
تنزفُ ألما،
تبكي شجنا،
وتتصدعُ الحنايا،
قطعةً.. فقطعة،
متبعثرةً في أرجاء الجسد المنهك.

هربتْ مني الأفكار،
وأضحيتُ.. ذلك الميت.. الحي.
أجرجرُ أقدامي في الشارع،
أتسكعُ.. أذرعُه جيئةً وذهابا،
بلا هدفٍ.. ودون دليل.

بكتْ عيني بلا دموع،
ذرفتْ عِوضه الوجع.
لفظتْ روحي عمري،
فبصقتُ على حياتي،
بلا جدوى.

احتقرتُ وجودي،
وكرهتُ نفسي،
عندما ذهبتْ أحلامي أدراجَ الرياح.

ثم تسللتْ جثتي إلى الفراش؛
التحفتْ بوجعي،
وتغطّتْ بألمي،
وسقطتْ في وسنٍ.. ليتهُ الموت!

وهأنذا أقفُ الآن:
مشردا.. محطما.. ضائعا،
بل ميتا.
وداعا أيتها الحياة،
وأهلا بالموت.. بلا الموت،
ومرحى بالفناء.. دون الفناء،
ليهيمنَ على كوني،
الذي فقدتُ فيه.. كل شيء!