السبت، 17 نوفمبر 2012

مناضل للبيع
9 نوفمبر 2012


بسبب الازدحام السكاني في البيت نتيجة لتفريخ الذرّية على الطريقة العربية؛
ونظرا للاختلافات الإيديولوجية المزمنة مع البنك، والمشكلات المستمرة مع الدائنين، والصراع الديالكتيكي مع جهات كثيرة تطالب بحقوقها بدء من صاحب المنزل، مرورا بشركات الهاتف والمياه والكهرباء والغاز وغيرهم من الجهات القابضة الذين لا يخافون في المناضل إلاّ ولا ذمة؛
وباعتبار أن النضال قد أصبح قيمة ديناصورية منقرضة لا تصلح للتسويق، ويتنافى مع مبادئ عصر العولمة، وبالتالي لا يساعد في الحصول على ثمن الخبز الحاف؛
وبما أن الوضع الراهن قد اضطرنا في مرحلة سابقة إلى بيع الحديدة، وقد انتهينا بالفعل من صرف ثمنها لشراء المسلتزمات الضرورية من خبز وملح؛
وبعد أن استكملنا بحمد الله مرحلة شراب الحنظل، وانتهينا من مرحلة أكل الهوا ومادة بيولوجية أخرى لا يصح الحديث عنها في المجالس العامة، وأوشكنا على الانتهاء من مرحلة احتساء عصير البراطيش المعتّقة،

لذا،
قررنا نحن المناضل باسم كل المبادئ النبيلة والأفكار الثورية والقيم الغائبة حتى تاريخه، عرض شرفنا النضالي وملحقات أخرى للبيع في مزاد علني، تحصل فيه الجهة التي تتقدم بأعلى سعر على التالي:

- أوسمة (بوزن ثلاثة كيلوغرامات) عن تاريخ نضالي طويل، رفض الجزّار الإمبريالي البغيض في الحي الذي أقطن به الاعتراف بها ممثلا شرعيا ووحيدا لميزانيتنا.
- مجموعة بالغة الضخامة من الكتب الفكرية البائدة التي لا تُغني ولا تُسمن من جوع، علما بأنها جميلة الشكل وضخمة الحجم، ولذا تصلح فقط للعرض في المكاتب الفارهة لتبيان أن المشتري مثقف جدا.
- شهادات تقدير وعرفان من جهات مناضلة عديدة، ويمكن استخدامها للف التسالي/الحب/ البزر/الفصفص/السوداني حسب اللهجة العامية السائدة.
- مجموعة مقالات صحفية ومنشورات ثورية تُشيد بأعمال المناضل، وتشد على يده الثورية الطاهرة، ولم تقبل بها أي مؤسسة حكومية لتعييني، وأصروا إلحاحا على شهادة حسن سير وسلوك من الجهات الأمنية، وهذا بالطبع كان خامس المستحيلات، بعد الغول والعنقاء والخل   الوفي وحكومة عربية منتخبة ديمقراطيا.
- يد كاتبة لم تخط حتى الآن إلا تعبيرا عمّا آمنت به من مبادئ، ولم تجنح إلا للوقوف في صف الشعوب ضد الأنظمة الدنيئة. من باب سد الذرائع، ومكافحة النفس الأمّارة بالسوء، سيتم استئصال اليد الآثمة وتسليمها للمشتري مع أطيب الأمنيات.
- بلعوم لم يُستخدم حتى تاريخه إلا في التهام ما جاء من مصدر حلال، ولكن يمكن تعديله بعملية تجميلية بسيطة لتسهيل أكل السحت والرشوة وحلوان الكاهن ومهر البغي وغيرها من وسائل الكسب المشروع.

يُجرى المزاد العلني بالتواصل المباشر عبر البريد الإلكتروني مع المناضل، وينتهي بعد أسبوع من تاريخه، ويُمنع كل من لديه تاريخ نضالي من المشاركة باعتبار تضارب المصالح وربما الحنين إلى ما قد مضى، بينما نُرحّب كثيرا بكل من يسبح في فلك الليبراليين الجدد ، ويُسبّح بحمد البنك الدولي وصندوق النقد الدولي واتفاقية الغات، وعفا الله عما سلف بيننا وبينهم.

تلتزم الجهة الفائزة بسداد سعر الشرف النضالي خلال ثلاثة أيام من تاريخ ترسية المزاد، علما بأن المناضل لا يقبل سوى السداد بالدولار الأمريكي، والذي طالما بادله العداء المستحكم. وبما أن البنك بالمرصاد وينتظر فاغرا فاهه الجشع، لذا يُفضّل السداد نقدا في اليد، أو بتحويل عبر صرافة.



نقطة ختامية: بعد انتهائي من صياغة الإعلان، أخبرني صديقي القومجي اللعين بأن أضعه فوق البيعة، وعليه نعرض أيضا -ضمن السعر- مهندس حاسوب ذو خبرة طويلة، علما بأننا سنقوم بإزالة مخه المليء بمخلفات الفكر القومي وغيرها من الخزعبلات والأفكار النضالية، كما سنعمل على تزويده بمخ جديد 64- بِت من ماركة دافوس، ومعالج عولمي فائق السرعة، وذاكرة مؤقتة من ماركة (إنرون)، وشاشة نيوليبرالية، ولوحة أساسية من ماركة (ماكيافيللي) على أحدث طراز قبل التسليم للمشتري. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق